"أصبح من الطبيعي أن نري هؤلاء البشر يتحدثون بشكل طبيعي"
هكذا نطقها أحد اصدقائي عندما كنا نتحدث عن أبي ... فأبي هو أحد أبطال هذه الجملة السالف ذكرها ، مثله مثل الكثير ممن تربوا في نفس البيئة ونفس الحقبة الزمنية (نهاية الخمسينات وبداية الستينات) هذه الحقبة التي شكلت فارقاً كبيراً في تاريخ مصر "البلد ديه أصلها مبقتش كده لوحدها" ، لكن دعوني أثرد لكم الموضوع من بدايته .
أبي ... والدي ... دادي ... أو أبا الحج شخص متكبر ... نعم ... أنت سمعتها بالشكل الصحيح ، أبي شخص متكبر ، هل من الخطأ أن أنتقد أبي ؟ لا ، لكن من الخطأ أن أنتقد تصرفاته وتفكيره أمامه شخصياً وبالذات إذا كان أبي ، فأبي لا يستمع إلا لصوت عقله ويعتبر نفسه الاكثر علماً من ثلاث وزراء وهم (وزير التربية والتعليم - وزير النقل - وزير التجارة الداخلية) هل تعلمون لماذا ؟ لإنه عندما كان يستخدم أحد طرقه العجيبة في تربيتي كان يقول لي "هو انا تلميذ يله ... انت حتعرفني أربيك أزي ... انا احسن من وزير التربية والتعليم" أما عن وزير النقل وزير التجارة الداخلية فلإنه يعمل بوزارة النقل وهو في نفس الوقت محاسب ولإنه اعترض علي سياسة وزير التربية والتعليم وهو شئ لم يدرسه فما المانع في ان يعترض علي سياسة وزير النقل ووزير التجارة الداخلية "انا تعبت يا جدعان واريد حلاً"، صدقوني هناك حالات أفظع من حالة ابي .
عموماً ... عندما نظرت لهذه الحقبة التاريخية بالذات وجدتها تتسم بثلاث صفات معينة من وجهة نظري .... وهي سمات غريبه جداً ... لذلك وسوف أستعرضها في النقاط التالية :-
- من وجهة نظري أهم هذه السمات هي "الفتوي" ليست الفتوي الدينية بالطبع لكن هو أي شئ أخر غير الفتوي الدينية وإن كان هناك البعض تمتد فتواهم إلي الفتوي الدينية ، أنا اري ان هذه الصفة نشأت نتيجية صفة شبه وراثية بمعني أنه في الحقب الزمنية القريبة نسبياً التي سبقت هاتان الحقبتان -الخمسينات والستينات - نجد أن الازهر كان احد الأكاديميات التي كان يدرس فيها المصريين تعتمد علي الفتوي وانا لا اقصد التقليل من قيمة الازهر ولا قيمة مشايخنا الأجلاء لكنهم نسوا أن يعلموا الطلاب أن "الفتاوي مش علي الفاضي والمليان" فبعد أن يتخر الطالب من الازهر يراه الناس الإنسان العلامه الفهامة الزعفراني مما وهذا الشعور يعطيه الثقة في انه لن يوج من يعارضه ويبدأ في الحديث عن أي شئ وكأنه العلامه الفهامة الزعفراني وبهذا الشكل إنتقلت هذه الصفة من جيل إلي جيل حتي وصلت لجيل أبي وبدأت في الإندحار بعد ذلك بسبب الظهور الجزئي للتكنولوجيا التي ظهرت مع ظهور التلفاز وبهذا أكون أثبت أنها صفة شبه وراثية أي أنها ربما تنتقل داخل سلسلة العائلة الواحدة لكنها في نفس الوقت لا تنتقل وراثياً ، ويكون رد الفعل الطبيعي علي شخص مثل هؤلاء الاشخاص "إنت راجل فتيئ تتتت" .
- "الكبر" أي تنشيف الدماغ وهذه السمة فعلاً لا تجد لها تعبير إلا كلمة واحدة "مرارتي إتفقعت" وفي الحقيقة أي إنسان سوف يجد الشخص الذي يكابر شخص ظالم وانا أجده شخص مريض يحتاج إلي علاج فهو بكبره هذا ربما يدمر أسرة كاملة دون وعي منه ودون أن يعرف أنه مريض وفي هذه الحالة يكون الرد الوحيد علي هؤلاء الاشخاص " أحيه عليه وعلي سنيني " .
- أخر سمة أستطيع أن ألاحظه في مواليد هذا الجيل هي عدم منطقيتهم مما يؤدي إلي عدم وجود قدرة لديهم علي التصرف بإيجابية حيال المشاكل التي تواجههم فشخص مثل أبي مثلاً عندما يجد الملح قليل في الطعام يقول بمنتها الغضب لأمي "إنتي معرفتيش تربي ولادك يا وليه "السؤال المهم هنا هل توجد علاقة بين الملح الزائد في الطعام وبين تربية الاولاد "أكيد أبويه عبقري علشان يجد علاقة بينهم" بعد سماعي لعابرة أبي السالف ذكرها أشعر بخدر في جانبي الايمن وعدم القدرة علي الكلام وتهرب حينها الرطوبة من حلقي وتكون الإجابة الطبيعية علي أبويه في هذا الموقف "حسبنا الله ونعم الوكيل ... شلتني وانا لسه شاب أمل لما اتجوز حيحصل إيه" .
في النهاية انا احترم أبي جدا وأقدره وأعرف كم عاني في حياته لكني أقول له بصدق كل ما عانيته في حياتك ليس مبرراً لما تفعله وأحب أن أقول له هو وكل من يشبهه " رياح التغيير قادمة بلا شكل لكن عليكم أن تفهموا أن ما تقومون به ليس بالشئ الجيد والشئ والحيد الذي يحدث بسبب تصرفاتكم هو أن يسخر منكم الناس وانا لا أقول هذا الكلام إلا كي تكون صورتكم أفضل " .
تعليقات
إرسال تعليق